شـبه الشــر
بقلم: البابا شنودة الثالث
في مفهوم الناس ان اي تصرف او اي عمل: اما ان يكون خيرا, او ان يكون شرا. ولكن يكون شبه شر, فربما لايكون هذا المفهوم وعملنا الان هو ان نشرح هذا الامر, هناك امور قد لاتكون شرافي ذاتها, ولكنها لاتليق فهي شبه شر, مثال ذلك انسان يمضغ لبانا وسط.
الناس او في اجتماع ليس هذا شر في ذاته ولكن لانه امر غير لائق يعتبر شبه شر, او شخص يغني كما يشاء ويرفع صوته في الطريق.
هناك امور اخري ليست شرا في ذاتها, ولكنها اذا تحولت الي عادة تتسلط علي ارادة الانسان حينئذ تصبح شرا لان كل مايفقد الانسان حرية ارادته هو شر بلا شك, وهكذا تكون المرحلة المتوسطة قبل تكوين العادة المسيطرة هي شبه شر لذلك عليك ان تبتعد عن كل شيء يتحول عندك فيما بعد الي عادة مسيطرة, في حالة الوصول الي العادة المسيطرة يكون الامر شرا واضحا اما في مرحلة الوصول الي ذلك يكون الامر هو شبه شر.
عليك ايضا ان تبتعد عن كل مايسبب ضررا لغيرك, حتي لو لم تكن تقصد اطلاقا هذا الضرر ولايخطر لك علي بال. مثال ذلك مايحدث من البعض في زيارته للمرضي.وقد يكون مريضا في مستشفي وفي حالة تعب والكلام معه يتعبه ويجهده ويزوره احد معارفه او اصدقائه ويتكلم معه كثيرا وهو لايدري ان الكلام يتعبه. ويكون ذلك شبه شر فإن اتعب المريض فعلا او ضره يتحول الامر الي شر.. او مريض اخر في مستشفي يحتاج في مرضه الي كمية من الاوكسجين. وربما يركبون له في حجرته اجهزة الاوكسجين.
ويزدحم محبوه في غرفته بالمستشفي وطبعا يتنفسون ويأخذون كمية من الاوكسجين, ويتركون له كمية من ثاني اكسيد الكربون وبهذا يضرونه وهم لايعلمون ولا يقصدون.
ويضطر الطبيب ان يخرجهم من حجرة المريض وهم واقعون في شبه شر.
مثال اخر لشبه الشر, هو انسان كثير الالحاح والالحاح في ذاته ليس شرا ان كان في حدود المعقول. ولكن قد يزداد الالحاح الي درجة تتعب الاعصاب فيضطر السامع ان يقول كفي ارجوك لقد عرفت ماتطلب او ماتقصد فينصرف بعد ان يكون قد وقع في شبه شر. ومثل الالحاح كثرة الشروحات او تكرار الكلام, التي تكون بدرجة مملة او مزعجة.و بخاصة في موضوعات لاتحتاج الي الشرح الكثير والتكرار الكثير ويزداد الامر ان كان السامع شديد الذكاء ويدرك مايقال له من اول جملة. ويكون التكرار والشروحات ضغطا علي اعصابه. ان الشرح في ذاته ليس شرا ولكنه قد يتحول الي شبه شر.
مثال اخر هو زيارة صديق عزيز لك علي غير موعد, بسبب الدالة والمحبة جاء الي زيارتك, ولكن في وقت لايعرف فيه هل هو مناسب او لا؟ وهل تستطيع ان تتفرغ له أم لديك مايشغلك؟ ويجلس, وتطول الجلسة, وانت متضايق وبسبب المحبة لاتستطيع ان تظهر ضيقك. ويبدو انه لم يضع حدا لنهاية زيارته, لاشك ان مثل هذه الزيارة للصديق العزيز قد دخلت في شبه شر. وان طالت جدا واتعبتك واضاعت وقتك تتحول الي شر, وبالمثل المكالمات التليفونية, بغير موعد وبغير وقت محدد, وقد يكون انسان مع ضيوف له في بيته او في مكتبه, يتحدثون معه في امور هامة جدا ثم يرن جرس التليفون, ويظل المتكلم يتحدث في موضوعات طويلة, وهو لايعبأ بالاجتماع ومايدور فيه, او لايعرف. ولايسأل هل صاحب التليفون مشغولا او غير مشغول. من اجل هذا يضطر البعض الي اتخاذ اجراءات لمنع الاتصال التليفوني في اوقات معينة. هناك امور ربما لاتدركها ولاتعرف هل تضر او تضايق الطرف الاخر, ولكنها امور تحتاج الي حساسية والي ذكاء كي تدرك, والا فإنك تدخل في شبه شر, او تصبح غير مقبول في معاملاتك هذه مع الاخرين.
معروف ان عدم دفع الاجور لمستحقيها هو شر في ذاته, ولكن يدخل في شبه الشر ايضا, تأخير دفع الاجور, ذلك لان البعض لايبالي ويقول: ادفع للعامل اجرته باكر اوبعد باكر او فيما بعد. دون ان يدري احتياج هذا العامل الي اجرته وبسرعة, ان مثل هذا التأخير هو شبه شر. وبنفس المنطق تأثير دفع المساعدة لفقير, فلايجوز ان تقول للمحتاج اذهب الان وتعال غدا فأعطيك بينما يكون مايحتاجه موجودا عنده. فهذا ايضا شبه شر.
ويدخل في شبه الشر ايضا التشدد في الثمن في البيع والشراء. وقد يكون في هذا ضرر للبائع او المشتري يحتمله مضطرا. ولا يظن المتشدد في الثمن انه قد ارتكب شرا. لان الصفقة تمت بموافقة الطرف الاخر المضطر ولاشك ان هذا التشدد شبه شر, فإن كان يحدث ضررا واضحا يكون شرا كاملا.
وبالمثل الطبيب الذي يفرض مبلغا ضخما لاجراء عملية, وايضا كل صاحب مهنة, محاميا او محاسبا او مدرسا, ماشابه ذلك, بنفس التشدد في فرض اجرة عملية, وقد يدعي صاحب هذه المهنة انه لم يرغم الذي يدفع له علي التعامل معه, بينما يكون ذلك مضطرا, اذ كان يثق بكفاءة صاحب هذه المهنة.
ومن الاشياء التي تدخل في شبه الشر, الوقت الضائع بلا سبب جوهري وقد يقول الشخص انا لم اعمل في هذا الوقت اي شيء خاطيء! فنقول له ايضا لم تعمل فيه اي شيء نافع هو شبه شر.
هناك نوع اخر من شبه الشر, هو وقوف النمو في عمل الخير, فالمفروض الانسان الروحي الذي يسعي الي الكمال, ان ينمو باستمرار, وان توقف نموه يكون هذا شبه شر. ومن ضمن الاشياء التي تدخل في شبه الشر, امور ليست شرا في ذاتها, ولكنها تنتهي الي شر.. مثال ذلك علاقة تبدو, بريئة في ذاتها. ولكنها بالوقت والاستمرار تنتهي بخطيئة لذلك يحتاج الامر الي حكمة وتمييز للمواقف وماتنتهي اليه الامور علي المدي الزمني. ومن شبه الشر ايضا المواقف السلبية التي لم يفعل الانسان خيرا ولاشرا ولكنه كان ينبغي ان يأخذ موقفا ايجابيا في الخير.
بقلم: البابا شنودة الثالث
في مفهوم الناس ان اي تصرف او اي عمل: اما ان يكون خيرا, او ان يكون شرا. ولكن يكون شبه شر, فربما لايكون هذا المفهوم وعملنا الان هو ان نشرح هذا الامر, هناك امور قد لاتكون شرافي ذاتها, ولكنها لاتليق فهي شبه شر, مثال ذلك انسان يمضغ لبانا وسط.
الناس او في اجتماع ليس هذا شر في ذاته ولكن لانه امر غير لائق يعتبر شبه شر, او شخص يغني كما يشاء ويرفع صوته في الطريق.
هناك امور اخري ليست شرا في ذاتها, ولكنها اذا تحولت الي عادة تتسلط علي ارادة الانسان حينئذ تصبح شرا لان كل مايفقد الانسان حرية ارادته هو شر بلا شك, وهكذا تكون المرحلة المتوسطة قبل تكوين العادة المسيطرة هي شبه شر لذلك عليك ان تبتعد عن كل شيء يتحول عندك فيما بعد الي عادة مسيطرة, في حالة الوصول الي العادة المسيطرة يكون الامر شرا واضحا اما في مرحلة الوصول الي ذلك يكون الامر هو شبه شر.
عليك ايضا ان تبتعد عن كل مايسبب ضررا لغيرك, حتي لو لم تكن تقصد اطلاقا هذا الضرر ولايخطر لك علي بال. مثال ذلك مايحدث من البعض في زيارته للمرضي.وقد يكون مريضا في مستشفي وفي حالة تعب والكلام معه يتعبه ويجهده ويزوره احد معارفه او اصدقائه ويتكلم معه كثيرا وهو لايدري ان الكلام يتعبه. ويكون ذلك شبه شر فإن اتعب المريض فعلا او ضره يتحول الامر الي شر.. او مريض اخر في مستشفي يحتاج في مرضه الي كمية من الاوكسجين. وربما يركبون له في حجرته اجهزة الاوكسجين.
ويزدحم محبوه في غرفته بالمستشفي وطبعا يتنفسون ويأخذون كمية من الاوكسجين, ويتركون له كمية من ثاني اكسيد الكربون وبهذا يضرونه وهم لايعلمون ولا يقصدون.
ويضطر الطبيب ان يخرجهم من حجرة المريض وهم واقعون في شبه شر.
مثال اخر لشبه الشر, هو انسان كثير الالحاح والالحاح في ذاته ليس شرا ان كان في حدود المعقول. ولكن قد يزداد الالحاح الي درجة تتعب الاعصاب فيضطر السامع ان يقول كفي ارجوك لقد عرفت ماتطلب او ماتقصد فينصرف بعد ان يكون قد وقع في شبه شر. ومثل الالحاح كثرة الشروحات او تكرار الكلام, التي تكون بدرجة مملة او مزعجة.و بخاصة في موضوعات لاتحتاج الي الشرح الكثير والتكرار الكثير ويزداد الامر ان كان السامع شديد الذكاء ويدرك مايقال له من اول جملة. ويكون التكرار والشروحات ضغطا علي اعصابه. ان الشرح في ذاته ليس شرا ولكنه قد يتحول الي شبه شر.
مثال اخر هو زيارة صديق عزيز لك علي غير موعد, بسبب الدالة والمحبة جاء الي زيارتك, ولكن في وقت لايعرف فيه هل هو مناسب او لا؟ وهل تستطيع ان تتفرغ له أم لديك مايشغلك؟ ويجلس, وتطول الجلسة, وانت متضايق وبسبب المحبة لاتستطيع ان تظهر ضيقك. ويبدو انه لم يضع حدا لنهاية زيارته, لاشك ان مثل هذه الزيارة للصديق العزيز قد دخلت في شبه شر. وان طالت جدا واتعبتك واضاعت وقتك تتحول الي شر, وبالمثل المكالمات التليفونية, بغير موعد وبغير وقت محدد, وقد يكون انسان مع ضيوف له في بيته او في مكتبه, يتحدثون معه في امور هامة جدا ثم يرن جرس التليفون, ويظل المتكلم يتحدث في موضوعات طويلة, وهو لايعبأ بالاجتماع ومايدور فيه, او لايعرف. ولايسأل هل صاحب التليفون مشغولا او غير مشغول. من اجل هذا يضطر البعض الي اتخاذ اجراءات لمنع الاتصال التليفوني في اوقات معينة. هناك امور ربما لاتدركها ولاتعرف هل تضر او تضايق الطرف الاخر, ولكنها امور تحتاج الي حساسية والي ذكاء كي تدرك, والا فإنك تدخل في شبه شر, او تصبح غير مقبول في معاملاتك هذه مع الاخرين.
معروف ان عدم دفع الاجور لمستحقيها هو شر في ذاته, ولكن يدخل في شبه الشر ايضا, تأخير دفع الاجور, ذلك لان البعض لايبالي ويقول: ادفع للعامل اجرته باكر اوبعد باكر او فيما بعد. دون ان يدري احتياج هذا العامل الي اجرته وبسرعة, ان مثل هذا التأخير هو شبه شر. وبنفس المنطق تأثير دفع المساعدة لفقير, فلايجوز ان تقول للمحتاج اذهب الان وتعال غدا فأعطيك بينما يكون مايحتاجه موجودا عنده. فهذا ايضا شبه شر.
ويدخل في شبه الشر ايضا التشدد في الثمن في البيع والشراء. وقد يكون في هذا ضرر للبائع او المشتري يحتمله مضطرا. ولا يظن المتشدد في الثمن انه قد ارتكب شرا. لان الصفقة تمت بموافقة الطرف الاخر المضطر ولاشك ان هذا التشدد شبه شر, فإن كان يحدث ضررا واضحا يكون شرا كاملا.
وبالمثل الطبيب الذي يفرض مبلغا ضخما لاجراء عملية, وايضا كل صاحب مهنة, محاميا او محاسبا او مدرسا, ماشابه ذلك, بنفس التشدد في فرض اجرة عملية, وقد يدعي صاحب هذه المهنة انه لم يرغم الذي يدفع له علي التعامل معه, بينما يكون ذلك مضطرا, اذ كان يثق بكفاءة صاحب هذه المهنة.
ومن الاشياء التي تدخل في شبه الشر, الوقت الضائع بلا سبب جوهري وقد يقول الشخص انا لم اعمل في هذا الوقت اي شيء خاطيء! فنقول له ايضا لم تعمل فيه اي شيء نافع هو شبه شر.
هناك نوع اخر من شبه الشر, هو وقوف النمو في عمل الخير, فالمفروض الانسان الروحي الذي يسعي الي الكمال, ان ينمو باستمرار, وان توقف نموه يكون هذا شبه شر. ومن ضمن الاشياء التي تدخل في شبه الشر, امور ليست شرا في ذاتها, ولكنها تنتهي الي شر.. مثال ذلك علاقة تبدو, بريئة في ذاتها. ولكنها بالوقت والاستمرار تنتهي بخطيئة لذلك يحتاج الامر الي حكمة وتمييز للمواقف وماتنتهي اليه الامور علي المدي الزمني. ومن شبه الشر ايضا المواقف السلبية التي لم يفعل الانسان خيرا ولاشرا ولكنه كان ينبغي ان يأخذ موقفا ايجابيا في الخير.