دراسة كتاب مقدس - عهد قديم
مقدمة في سفر أرميا " Jeremiah "
الاختصار: أر= JER
** محور السفر:-
+ الخطية، العقاب، الله رب الجميع، قلوب جديدة، الخدمة الأمينة
+ إصلاح القلب الداخلي
+ ترقب مجئ المسيح
+ الخطية تؤدى إلى كوارث عظيمة
+ تأديبات الرب ممتزجة بحنوه
** أهم الشخصيات : ارميا - صدقيا - يهوياقيم
** أهم الأماكن: أورشليم – بابل
** غاية السفر : القضاء
** كاتب السفر: أرميا النبي
+ ولد أرميا في منتصف القرن السابع ق.م في أواخر عصر الملك منسي المرتد، من عائلة كهنوتية تقطن في قرية عناثوث في أرض بنيامين بجوار أورشليم،
+ تكرس أرميا للعمل النبوي قبل ولادته وُدعي بواسطة رؤيا وهو صغير السن، لكن الله لمس فمه ووهبه كلمته، لقد أعلن له أنه سيُقاوَم من القادة والكهنة والشعب لكنهم لا يغلبوه (1: 4 - 10).
+ كان رقيق المشاعر، عاطفيا إلي أبعد الحدود لكنه قوي لا يعرف الضعف ولا يتراخى في إعلان الحق مهما كلفه الأمر، عاش باكيا تجري دموعه كنهر ينساب لا يجف، فدُعي بالنبي الباكي لكنه غير هزيل، ُدعي "أيوب الأنبياء" رجل آلام وضيقات.
+ بسبب جراءته رفضه شعبه (11: 18 - 21)، خانه أخوته (12: 6)، وضع في مقطرة (20: 1 - 2)، هدد بالقتل (26: 8؛ 36: 26)، سجن وأتهم بالخيانة الوطنية (32: 2، 3، 37: 11 - 15)، وضع في جب ليموت (38: 6)، قيد في سلاسل (40: 1)، أحرقت بعض نبواته (36: 22 - 25)، حمل إلى مصر قسرا ورجم، امتنع عن الزواج بأمر إلهي (16: 1 - 4) كعمل رمزي، بأن الشعب يموت ولا يجد من يدفنه وعن انقطاع الفرح.
+ واجه أرميا النبي مشكلتين:
1 - من جهة مملكة يهوذا ككل تلخصت مشكلته معهم في أمرين: -
أولا: بدأ ارميا خدمته في السنة أل 13 لملك يوشيا (626 ق.م) أي بعد حوالي خمس سنوات من حركة الإصلاح الدينية العظيمة الواردة في (2 مل 23) بالرغم من مقاومة الملك للوثنية بكل طاقاته لكن تيار الفساد كان متغلغلا في النفوس، لم يهتم الرؤساء المدنيون والدينيون والشعب أيضا بإصلاح قلوبهم مكتفين بترميم الهيكل وممارسة العبادة في شكليات بلا روح ممتزجة بالرجاسات الوثنية، نادي النبي بالإصلاح القلبي.
ثانيا : كان الحكام والشعب في صراع بين التحالف مع فرعون مصر أم مع بابل، فالغالبية لا تطيق بابل وتتوقع هجومها بين الحين والأخر مما دفعهم للارتماء في أحضان فرعون مصر، وإن كانت العلاقة مع الفراعنة كما مع بابل ليست بطيبة ويمكننا إدراك ذلك الصراع ما حدث مع الملوك الخمسة الذين عاصرهم ارميا أثناء نبوته
- يوشيا الملك (640 - 609 ق.م) قتله المصريون في معركة مجدو
- يهوآخار: أقامه فرعون عوض أبيه وخلعه بعد 3 شهور (2 أي 36: 2)
- يهوياقيم: أقامه فرعون عوض أخيه وبقي مواليا له لمدة 4 سنوات وإذ غلب نبوخذنصر فرعون خضع لبابل وكان موته غامضا
- يهوياكين: بعد إقامته ملكا عوض والده بـ3 شهور أسره نبوخذنصر.
- صدقيا: أقامه نبوخذنصر عوض ابن أخيه كان في صراع بين ولائه لسيده في بابل وبين محاولته إرضاء الشعب الذي مال إلى فرعون مصر لحمايته من بابل متطلعين إلى يهوياكين الأسير في بابل كملك شرعي، تحالف صدقيا قلبيا مع فرعون فسباه ملك بابل بعد أن فقأ عينيه وسبي أورشليم ويهوذا ( 39: 1 - 7).
هكذا كان يهوذا بين حجري رحى وعوضا عن الالتجاء إلى الله بالتوبة للتمتع بالخلاص اتكأ علي هذا أو ذاك.
2 - ظهر ارميا كخائن لعائلته وقريته، إذ شدد علي ضرورة الالتزام بما جاء في الشريعة وهي حصر العبادة العامة في الهيكل بأورشليم، الأمر الذي لم يقبله أهل عناثوث بكونهم سلالة الكاهن أبياثار المطرود من أورشليم فكانوا يمارسون الطقوس مستقلين عن أورشليم من جهة أخري إذ رأي أهل قريته أن مملكة يهوذا في ثورة ضد أرميا النبي كخائن وطني حاولوا التبرؤ منه حتى لا يُنظر إليهم كخونة للوطن.
** غرض السفر:
1 - كان يرجو أن يدخل بيهوذا إلى التوبة لكي يتجنب كارثة السبي البابلي.
2- الحاجة إلى إصلاح القلب الداخلي
صار القلب نجسا بالطبيعة كثمرة للسقوط (17: 9)، منه تنبع الخطية (4: 4؛ 7: 9، 12: 2) فيتقسى ويزداد عنادا (7: 24؛ 9 : 14؛ 23: 17)، فيه يصب الله اشتياقاته (11: 20؛ 17: 10؛ 20: 12)، صارت الحاجة إلى شريعة يمكن أن تنقش علي القلب ذاته (31: 33؛ 24: 7).
3- ترميم بيت الرب ليس غاية في ذاته: لا تتكلوا علي كلام كذب قائلين: هيكل الرب هيكل الرب هيكل الرب هو " 7: 4. تنبأ عن خرابه، إعلانا عن الخراب الذي حل بهيكل القلوب غير المنظورة.
4- عدم الارتكان علي مجرد حيازة سفر الشريعة أو التمتع بوجود تابوت العهد في وسطهم إنما الحاجة أيضا إلى نقش الشريعة في القلب وإعلان حضرة الله فيهم، فإن لم ترتبط بذبيحة الطاعة أو ذبيحة القلب (17: 24 - 27؛ 27: 19 - 22؛ 3: 10، 11، 17) تصير بلا قيمة أشبه برشوة لا يتقبلها الله.
5- يهتم الله بختان القلب (4: 4) والأذن (6: 10) ويطلب اغتسالنا من الآثم لا مجرد اغتسال الجسد (2: 22).
6- بالنسبة للاتكال علي الآباء السابقين ومحبة الله لهم وشفاعتهم لديه (15: 1) وعلي الآباء المجاهدين أيضا (7: 16؛ 11: 14؛ 14: 11)، الله يطلب منا التوبة فصلاة الغير عنا لا تسندنا ما لم نطلب من الله العون.
7 - الله هو سيد التاريخ يعمل لخير البشرية كلها،
يوجه الله التاريخ لخير شعبه وكل الأمم أيضا كالخزاف الذي يخرج من الطين أوان جميلة (18: 1 - 6)، هو الذي يحث نبوخذنصر خادمه (27: 6) مع أنه وثني، لتأديب يهوذا ليعود الله فيؤدب الأمم علي خطاياها (25: 15 - الخ؛ ص 46)، إنه يقيم الأمم ويزيلها بخطة إلهية فائقة (18: 7 - 10).
8 - خطب الله إسرائيل (كنيسة العهد القديم) عروسا، لكن الحاجة إلى عهد جديد، دُعي إسرائيل بكر حصاد الله (2: 3) يتقبله كأنه بكور الكل وميراثه المقدس (12: 7 - 9)، وكرمه (12: 10)، وقطيعه ( 13: 17)، وعروسه (2: 32)، ومحبوبته (11: 15؛ 12: 7)، لهذا يطلب منها أن تسلك كما يليق بكرامتها وحبه لها (2: 2 - الخ؛ 6: 16 -الخ)، إذ دخل معها في عهد خاص (7: 23، 11: 4، 24: 7؛ 31: 33)، (إقرأ بموقع كنيسة الأنبا تكلا نص السفر كاملاً). لا ينسي الله حب صبا شعبه (2: 2؛ 3: 4)، اله رحوم (3: 13 - الخ) يهتم بإسعاده، لا يتوقف عن تكرار الدعوة له لكي يعود إليه، تكررت كلمة " ينسي" أو ما يماثلها 24 مرة، كما تكررت كلمة " مرتد " أو ما يعادلها 13 مرة، و" ارجع " 47 مرة، علاقة الله بشعبه هي أيضا علاقة شخصية تمس حياة كل عضو في الجماعة، هي علاقة الله بكل قلب لذا يهتم أن يكون مقدسا لكي يدخل في هذه العلاقة خلال العهد الإلهي (31: 33 - 34).
9 - الحاجة إلى المسيا الملك البار ليحقق الخلاص.
** سمات السفر:
1 - مال ارميا النبي إلى التوبيخ بشدة مع فتح باب الرجاء لأن السبي كان علي الأبواب
2 - يكشف عن قلب نبي مملوء حبا وحنوا لقد انحرف الشعب إلى عبادة الأوثان (16: 10 - 13، 20؛ 22: 9؛ 32:34،35؛ 44: 2، 3، 8، 17) وقدموا أحيانا أطفالهم ذبائح للآلهة الغربية (7: 30 - 34) ومع هذا بحب شديد كان يصلي من أجلهم (14: 7، 20) حتى حين أمره الله أن يكف عن ذلك (7: 16، 11: 14؛ 14: 11)
3 - كان يطلب أن يري الله ساكنا في وسط شعبه (7 : 23) وفي نفس الوقت يطلبه ساكنا في كل قلب، يكشف عن خطية الشعب ككل (17: 1 )، وأيضا عن نجاسة القلب التي اتسم بها الأشخاص (17: 9)، يطلب توبة جماعية مع توبة قلبية شخصية.
4 - له إرادة لا تقهر من جهة إقامة شعب مقدس لله.
5 - يقدم ارميا مفاهيم لاهوتية روحية حية، خطية الشعب هي كسر الميثاق مع الله والتوبة هي عودة إليها، كل الخطايا موجهة ضد الله نفسه. حب أكيد حتى في لحظات السقوط تحت التأديب. الحاجة هي إلى دخول في عهد جديد (31: 31 - 34).
** الظروف التاريخية:-
عاش النبي في فترة عصيبة فمنذ حوالي قرن سقطت مملكة الشمال "إسرائيل" بأسباطها العشرة تحت السبي بسبب الفساد أما مملكة الجنوب " يهوذا " فعوض أن تتعظ بما حل بأختها " إسرائيل " تناست ما صنعته الخطية بأختها حاسبة أن ذلك هو حكم الهي عادل، لانفصالها عن يهوذا وإقامتها مركزا للعبادة في السامرة عوض هيكل أورشليم.
1 - ارميا في عهد يوشيا
في بدء رسالته (626 ق. م) كانت أشور سيدة العالم لمدة حوالي 300 عاما ولم يكن أحد يتخيل قط أنه يمكن أن تنهار يوما ما في السنة التالية لخدمة ارميا أسس نبوبلاسر الدولة البابلية الجديدة وكانت صغيرة لا قوة لها لا يتوقع أحد أنها في الطريق لاستلام سيادة العالم من أشور.
بعد موت أشوربانيبال حل الضعف بأشور فصارت عاجزة عن منع يوشيا من التحرك نحو الاستقلال والتحرر من النفوذ الآشوري وبسقوط نينوى عام 612 ق.م انتهت مملكة أشور، فبدا كأن ارميا قد أخطأ في تفسيره لمركز يهوذا السياسي إذ حسب الكل أنه زال الخطر عن يهوذا،
في سنة 609 ق. م حشد نخو Necho فرعون مصر جيشه لاحتلال أرض الفرات فاحتل غزة وعسقلان وغيراهما من المدن الفلسطينية وكان هدفه مساعدة الآشوريين للصمود في وجه البابليين في حاران، حاول يوشيا أن يوقفه عند مجدو متكلا علي وعود الأنبياء الكذبة التفاؤلية لكنه قتل.
2 - ارميا في أيام يهوآحاز ويهوياقيم
بقتل يوشيا أقيم ابنه يهوآحاز أو شلوم (أر 22: 11) ملكا وكان شريرا، خلعه فرعون نخو بعد ثلاثة شهور وأسره في ربلة ثم أخذه إلى مصر وأقام أخاه يهوياقيم أو الياقيم عوضا عنه.
في السنوات الأولي من حكم يهوياقيم أعلن ارميا النبي في دار الهيكل أنه إن لم يغير يهوذا طريقه سيخرب الهيكل نفسه (7: 1- 15 ؛ 26: 1 - 6)، أثارت هذه النبوة شغبا ولولا تدخل بعض الأشراف لقتل الشعب الثائر ارميا (26: 7 - 24)، وفي السنة الرابعة من حكمه سجل ارميا النبوات التي نطق بها خلال السنوات السابقة وقام باروخ بنسخها في درج، وإذ منع أرميا من الدخول إلى بيت الله أمر باروخ أن يقرأها أمام الشعب بمناسبة الصوم، وصل الدرج إلى يد الملك فاستمع إلى بعض فقراته ثم مزقه وأحرقه بالنار، قام أرميا بكتابة درجين كالدرج الأول مع إضافات (36: 27 - 32) بتوجيه إلهي ولكن الكاهن فشحور الناظر الأول للهيكل وضعه في مقطرة ثم أطلقه في اليوم التالي (20: 1 - 3)،
في نفس السنة (605 ق. م) تغلب نبوخذنصر علي نخو فرعون مصر في معركة كركميش (إر 46: 1، 2)، فاضطر يهوياقيم أن يحول ولاءه لمصر إلى بابل لكن ظل كثير من الشعب يفضل الخضوع لمصر للجهاد معها ضد بابل، ويبدو أن يهوياقيم بطريقة غامضة توج ابنه يهوياكين (يكنيا) المملوء شرا.
3 - أرميا في أيام يهوياكين
لم يدم ملكه سوي ثلاثة شهور وجاء نبوخذنصر إلى أورشليم وأخذه هو وعائلته ورؤساء الشعب مع خزائن بيت الرب إلى بابل (2 مل 24: 8 - 16) وعاش أسيرا في السبي.
مما يجدر ملاحظته أن السلطات اليهودية تطلعت إلى نبوات ارميا وكلماته أثناء حصار أورشليم بمنظار سياسي حربي لا ديني فرأت فيها تحطيما لمعنويات الجيش ونفسية الشعب فحسبته خائنا وطنيا.
4 - ارميا في أيام صدقيا
أقام نبوخذنصر الملك صدقيا عوضا عن أخيه يهوياكين (2 مل 24: 17)، وكان شريرا لم يبال بكلمات أرميا بل ونجس الهيكل في بداية حكمه، كان بعض رجال يهوذا يتطلعون إلى يهوياكين المسبي كملك شرعي يأملون في رجوعه واستعادته العرش، لذا كان صدقيا في صراع بين رغبته في الظهور بالخضوع لسيده البابلي وبين إظهار روح الوطنية أمام الشعب ومضاداته لبابل المستعمر.
في عام 588 ق.م سار نبوخذنصر مرة أخري إلى يهوذا وحاصر أورشليم، طلب صدقيا المشورة من أرميا النبي (21: 1 -14) فأخبره بأن الخضوع للبابليين هو الطريق الوحيد لإنقاذ حياته ومدينته، لكن الملك لم يقدر أن يقدم هذه المشورة لرجاله بسبب ضعف شخصيته، تحرك الجيش المصري نحو فلسطين ففك البابليون الحصار عن أورشليم مؤقتا لمواجهة المصريين ليعودوا فيحاصروها من جديد بعد تدبير أمورهم مع فرعون.
انتهز أرميا فرصة فك الحصار المؤقت وأراد الذهاب إلى قريته (37:12) فأتهم انه هارب إلى الكلدانيين كخائن (37: 13،14)، ألقي في الجب (37: 1)، وبعد أيام كثيرة أطلقه الملك وسأله سرا عن كلمة الرب بشأنه، أخبره ارميا أنه سُيدفع إلى ملك بابل، فأمر الملك بإيداعه في دار السجن وإحسان معاملته بعض الشيء، لكن الرؤساء ألقوه في الجب ليموت جوعا (38: 1 - 6)، أشفق عليه خصي إثيوبي (عبد ملك) فاستأذن الملك أن يرفعه من وحل الجب ويضعوه في دار السجن فسمح له وبقي هناك حتى استسلمت أورشليم (38: 7 - 28).
5 - ارميا بعد سقوط أورشليم
في سنة 587 ق.م سقطت أورشليم بواسطة نبوخذنصر ودمر الهيكل وقتل كثيرون كما سُبي البعض إلى بابل، فقأ عيني صدقيا واقتاده مسبياً إلى بابل، أما من جهة ارميا فقد علم ملك بابل ما عاناه فظن أنه يفعل ذلك لأجله فأصدر تعليماته بإحسان معاملته، أرسل نبوزرادان الكلداني رئيس الشرطة إلى دار السجن ليستدعيه مع غيره من الأسري إلى الرامة ومنحه حق الخيار بين الذهاب إلى بابل أو البقاء في يهوذا وقدم له زادا وهدية وأطلقه، أتي أرميا إلى جدليا بن أخيقام والي المنطقة في المصفاة وأقام عنده مع الشعب الباقي في يهوذا (39: 11- 14؛ 40: 1 - 6)، رفض ارميا راحته وكرامته مفضلا أن يعيش متألما مع من أحبهم بالرغم من كراهيتهم له.
6 - ارميا في مصر
لما ُقتل جدليا، عبثا حث ارميا النبي الشعب ألا يهربوا إلى مصر إذ ذهبوا وأرغموه هو وصديقه باروخ علي مرافقتهم في رحلتهم (41 : 1 - 43: 7)، وهناك نطق نبواته الأخيرة في تحفنحيس بمصر (43: 8 - 44: 30 )، يوجد تقليد يقول أنه رجم في مصر بسبب توبيخاته لشعبه.
** أقسام السفر:
جاء السفر مرتبا ترتيبا موضوعيا وليس تاريخيا، السفر في غالبيته مجموعة عظات ألقاها النبي في مناسبات متكررة ومتشابهة في أيام ملوك مختلفين، يمكن تقسيم نبواته علي ثلاثة أقسام رئيسية مع مقدمة وختام:
+ دعوة أرميا ورسالته ص1.
+ نبوات ما قبل سقوط أورشليم (مع الوعد بالرجوع من السبي) ص 2 - 33
+ تاريخ سقوط أورشليم ص 34 - 45
+ نبوات عن الأمم الغربية ص 46 - 51
** محتويات السفر:-
أولا: التهديد بسبي يهوذا ص 1 - 33
1. الدعوة للخدمة ص 1
2. عتاب في الأذن ص 2 - 6
3. عتاب في الهيكل ص 7 - 10 (ألعبادة الشكلية).
4. نقض العهد ص11 - 12
5. مثال المنطقة ص 13
6. التأديب بالقحط ص14 - 15
7. منعه من الزواج ص 16
8. خطايا يهوذا ص 17
9. مثل الفخاري ص 18
10. مثل إبريق الفخاري ص 19
11. مقاومة فشحور له ص 20
12. صدقيا يسأله ص 21
13. ارميا يطلب التوبة ص 22
14. مرثاة علي الرعاة ص 23
15. سلتا التين ص 24
16. إرسال السيف للتأديب ص 25
17. هياج الكل ضده ص 26
18. السقوط تحت نير بابل ص 27
19. لقاؤه مع حننيا النبي ص 28
20. بقاء السبي 70 عاما ص29
21. العودة وقيام مملكة داود ص 30 - 33
افتتح ارميا النبي السفر بدعوته للخدمة (ص 1)، بعدها قدم لنا مجموعة عظات فيها يؤكد تأديبات الله ليهوذا خاصة بالسبي إلى بابل ، بسبب عدم توبة الشعب متكلا علي شكليات العبادة (ص 7 - ص 10) وبسبب الخلط بين عبادة الله الحي والوثنية، ويختمها بتأكيد التحرر من السبي بعد 70 عاما، مشيرا إلى الحرية من سبي الخطية بدخولنا في عهد جديد مع الله خلال مملكة داود الجديدة.
ثانيا: تحقق السبي (ص 34 - 45): في هذا القسم يقدم لنا النبي صورة حية لما حدث في السبي
1. عتق العبيد إلى حين ص34
2. موقف الركابيون الأمناء ص35
3. ارميا يملي باروخ ص 36
4. صدقيا يستشير ارميا ص 37
5. إلقاء ارميا في الجب ص 38
6. سقوط أورشليم ص 39
7. بقاء ارميا في أورشليم ص 40
8. قتل جدليا والي أورشليم ص 41
9. ارميا يسألهم عدم الذهاب إلى مصر ص42
10. ذهابهم إلى مصر ص43
11. نبواته في مصر ص44
12. تعزيته لباروخ في مصر ص45
ثالثا: الأمم الغربية (46 - 51):
إن كان الله يؤدب شعبه بالسبي، فهو يعاقب الإدارة التي أذلتهم والأمم الذين شمتوا فيهم. لذلك نطق النبي بنبوات ضد:
1. مصر ص 46
2. فلسطين ص47
3. موآب ص48
4. عمون و أدوم ص49
5. بابل ص50، 51
رابعا: ملحق تاريخي (52)
إصحاح تاريخي مختصر عن سبي أورشليم يعتبر خاتمه لسفر ارميا ومقدمه لمراثيه قيل أن عزرا وضعه كمقدمة لمراثي ارميا.
## يري البعض أن ارميا عاصر السبي في مراحله الأربع:
+ السبي الأول: سنة 606 ق. م في أيام يهوياقيم فيه سبي دانيال وأصدقاؤه الثلاثة (2 أي 36:6،7، دا 1: 1، 2، 6)
+ السبي الثاني: سنة 599 ق.م في أيام يهوياكين ويسمي السبي العظيم (2 مل 24: 8 - 16، 2 أي 36: 9، 10) فيه سبي حزقيال النبي (حز 1: 1، 2) ومردخاي (أس 2: 6)
+ السبي الثالث:: سنة 588 ق.م بسبب تمرد صدقيا الملك علي نبوخذنصر (2 أي 36: 13) اضطر صدقيا إلى الهروب فقبض عليه
+ الدمار الكامل: سنة 584 ق.م علي يد نبوزردان رئيس الشرط (إر 52: 12، 30) حيث أحرق بيت الرب وبيت الملك وهدمت أسوار المدينة وبعد ثلاثة أيام انتهت أعمال التدمير الشامل فصار اليوم العاشر من الشهر الخامس يوم بكاء لسقوط أورشليم (إر 52: 12، زك 7: 3، 5)
## المسيا في سفر أرميا:
أساء ملوك بيت داود القيادة فتشتت الرعية (21: 1 - 23: 3) لذلك وعد الله بمجيء ملك جديد من نسل داود (23: 3 - 6) تطلع إلى العصر المسياني الذي فيه يحقق السيد المسيح التجديد الروحي الحق فيقدم الله عهدا جديدا حيث يملك روحيا علي القلب (23: 5 - 8؛ 30 : 4 - 11؛ 33: 14 - 26؛ 32: 36 - 41) وبهذا ينتهي الطقس اليهودي في حرفيته وينفتح الباب لدعوة الأمم (3: 17).
امتزجت مرارة أرميا بحلاوة خلال رؤيته السيد المسيح المخلص، بروح النبوة رأي العصر المسياني كعلاج حقيقي للخراب الحال 23: 5، 6، ورأي السيد المسيح الذبيح 11: 19، ارتبطت شخصية أرميا بشخصية السيد المسيح (مت 16: 14)،
أهم ملامح هذا الارتباط هي:
+ عاش أرميا يحمل في داخله أثقال شعب الله بمرارة 4: 19؛ 9: 1 وقيل عن السيد المسيح "رجل أوجاع ومختبر الحزن" أش 53: 3
+ أبغضه الشعب مع القيادات بسبب توبيخه لهم وهكذا أبغضوا السيد المسيح يو3: 20
+ تنبأ أرميا النبي عن خراب أورشليم 1: 15، 16 وأعلن السيد المسيح ما سيحل بأورشليم مت 23: 37، 38
+ يقوم الإصلاح الحقيقي بهدم الشر تماما، أي هدم الإنسان القديم والتمتع بالخير، أي قيامة الإنسان الجديد ليكون الإصلاح جذريا 1: 10
+ حمل العار من أجل الرب: " اعرف احتمالي العار لأجلك " إر 15: 15، كما قيل عن السيد المسيح: تعييرات معيريك وقعت علي " ر و15: 3
+ عرض أرميا النبي الكثير من الأسئلة التي لا إجابة لها إلا بمجيء السيد المسيح وإقامة العهد الجديد نذكر علي سبيل المثال ( 5: 7 مع أف 1: 7؛ 8: 22؛ 13: 23 مع غلا 6: 15؛ 12: 5 مع 1كو15: 57)
+ يري السيد المسيح في سفر أرميا إنه: بلسان في جلعاد (8: 22) أي دواء للنفس المنكسرة، وطبيب بنت شعبي (8: 22)، والراعي الصالح (31: 10)، رجاء الكنيسة (14: 8؛ 50: 34)، الفخاري يشكل طبيعتنا (الطين) بيده الإلهية (18: 6)، غصن بر (23: 5)، داود الملك (30: 9) ينبوع المياه الحية (2: 13).
+ أما أهم النبوات المسيانية فهي: ميلاده كابن لداود (23: 5؛ 33: 15؛ أع 13: 22؛ ر و1: 3) ولاهوته: " الرب برنا " 23 : 6 (1كو1:30) وقتل أطفال بيت لحم (31: 15، مت 2: 16، 18)، وتقديم نفسه ذبيحة حب (11:19)، وحمله العار (15: 15)، وعدم جلوسه في مجلس المازحين مبتهجا ( 15: 17).
## مقارنة بين الأنبياء الكبار أشعياء، أرميا، حزقيال، دانيال من حيث:-
1- تاريخ الكتابة
أشعياء: أثناء مجد يهوذا
أرميا: أخر أيام يهوذا
حزقيال: بين المسبيين
دانيال: قصور ملوك الأمم بالسبي
2- موضوع الإعلان
أشعياء: القدوس المخلص، تمجد الابن المخلص
أرميا: مقاومة للخطية والتمتع بعهد جديد، تمجد الأب المهذب
حزقيال: هيكل الله الجديد ، تمجد الروح القدس
دانيال: الله ضابط التاريخ
3- شخصه
أشعياء: من العائلة الملكية
أرميا: كاهن ريفي قبل السبي
حزقيال: كاهن في السبي
دانيال: رجل دولة في السبي
4- ما يشغله
أشعياء: بيت لحم والجلجثة، يدعو للإيمان
أرميا: قلب الإنسان، يدعو للحب
حزقيال: الهيكل عرش الله ، يدعو للرجاء
دانيال: الحجر الذي ملأ الأرض
5- حالة
إشعياء: متعز بالخلاص
أرميا: باك من أجل شعبه
حزقيال: يسخر به شعبه
دانيال: في سلام في جب الأسود
بين أرميا ونحميا:
حمل الاثنان عواطف متأججة بالحب لشعب الله (نح 1 : 4؛ إر 9: 1)، وشعر كلاهما أن خطايا الشعب هي خطاياهما (نح 1: 6، 7؛ إر 14: 7)، كما وقفا كشفيعين في الشعب (نح 5: 14 - 19؛ 13: 31) "أذكر وقوفي أمامك لأتكلم عنهم بالخير لأرد غضبك عنهم" (إر 18: 20) وكانا مخلصان في حُبهما لوطناهما.
مقدمة في سفر أرميا " Jeremiah "
الاختصار: أر= JER
** محور السفر:-
+ الخطية، العقاب، الله رب الجميع، قلوب جديدة، الخدمة الأمينة
+ إصلاح القلب الداخلي
+ ترقب مجئ المسيح
+ الخطية تؤدى إلى كوارث عظيمة
+ تأديبات الرب ممتزجة بحنوه
** أهم الشخصيات : ارميا - صدقيا - يهوياقيم
** أهم الأماكن: أورشليم – بابل
** غاية السفر : القضاء
** كاتب السفر: أرميا النبي
+ ولد أرميا في منتصف القرن السابع ق.م في أواخر عصر الملك منسي المرتد، من عائلة كهنوتية تقطن في قرية عناثوث في أرض بنيامين بجوار أورشليم،
+ تكرس أرميا للعمل النبوي قبل ولادته وُدعي بواسطة رؤيا وهو صغير السن، لكن الله لمس فمه ووهبه كلمته، لقد أعلن له أنه سيُقاوَم من القادة والكهنة والشعب لكنهم لا يغلبوه (1: 4 - 10).
+ كان رقيق المشاعر، عاطفيا إلي أبعد الحدود لكنه قوي لا يعرف الضعف ولا يتراخى في إعلان الحق مهما كلفه الأمر، عاش باكيا تجري دموعه كنهر ينساب لا يجف، فدُعي بالنبي الباكي لكنه غير هزيل، ُدعي "أيوب الأنبياء" رجل آلام وضيقات.
+ بسبب جراءته رفضه شعبه (11: 18 - 21)، خانه أخوته (12: 6)، وضع في مقطرة (20: 1 - 2)، هدد بالقتل (26: 8؛ 36: 26)، سجن وأتهم بالخيانة الوطنية (32: 2، 3، 37: 11 - 15)، وضع في جب ليموت (38: 6)، قيد في سلاسل (40: 1)، أحرقت بعض نبواته (36: 22 - 25)، حمل إلى مصر قسرا ورجم، امتنع عن الزواج بأمر إلهي (16: 1 - 4) كعمل رمزي، بأن الشعب يموت ولا يجد من يدفنه وعن انقطاع الفرح.
+ واجه أرميا النبي مشكلتين:
1 - من جهة مملكة يهوذا ككل تلخصت مشكلته معهم في أمرين: -
أولا: بدأ ارميا خدمته في السنة أل 13 لملك يوشيا (626 ق.م) أي بعد حوالي خمس سنوات من حركة الإصلاح الدينية العظيمة الواردة في (2 مل 23) بالرغم من مقاومة الملك للوثنية بكل طاقاته لكن تيار الفساد كان متغلغلا في النفوس، لم يهتم الرؤساء المدنيون والدينيون والشعب أيضا بإصلاح قلوبهم مكتفين بترميم الهيكل وممارسة العبادة في شكليات بلا روح ممتزجة بالرجاسات الوثنية، نادي النبي بالإصلاح القلبي.
ثانيا : كان الحكام والشعب في صراع بين التحالف مع فرعون مصر أم مع بابل، فالغالبية لا تطيق بابل وتتوقع هجومها بين الحين والأخر مما دفعهم للارتماء في أحضان فرعون مصر، وإن كانت العلاقة مع الفراعنة كما مع بابل ليست بطيبة ويمكننا إدراك ذلك الصراع ما حدث مع الملوك الخمسة الذين عاصرهم ارميا أثناء نبوته
- يوشيا الملك (640 - 609 ق.م) قتله المصريون في معركة مجدو
- يهوآخار: أقامه فرعون عوض أبيه وخلعه بعد 3 شهور (2 أي 36: 2)
- يهوياقيم: أقامه فرعون عوض أخيه وبقي مواليا له لمدة 4 سنوات وإذ غلب نبوخذنصر فرعون خضع لبابل وكان موته غامضا
- يهوياكين: بعد إقامته ملكا عوض والده بـ3 شهور أسره نبوخذنصر.
- صدقيا: أقامه نبوخذنصر عوض ابن أخيه كان في صراع بين ولائه لسيده في بابل وبين محاولته إرضاء الشعب الذي مال إلى فرعون مصر لحمايته من بابل متطلعين إلى يهوياكين الأسير في بابل كملك شرعي، تحالف صدقيا قلبيا مع فرعون فسباه ملك بابل بعد أن فقأ عينيه وسبي أورشليم ويهوذا ( 39: 1 - 7).
هكذا كان يهوذا بين حجري رحى وعوضا عن الالتجاء إلى الله بالتوبة للتمتع بالخلاص اتكأ علي هذا أو ذاك.
2 - ظهر ارميا كخائن لعائلته وقريته، إذ شدد علي ضرورة الالتزام بما جاء في الشريعة وهي حصر العبادة العامة في الهيكل بأورشليم، الأمر الذي لم يقبله أهل عناثوث بكونهم سلالة الكاهن أبياثار المطرود من أورشليم فكانوا يمارسون الطقوس مستقلين عن أورشليم من جهة أخري إذ رأي أهل قريته أن مملكة يهوذا في ثورة ضد أرميا النبي كخائن وطني حاولوا التبرؤ منه حتى لا يُنظر إليهم كخونة للوطن.
** غرض السفر:
1 - كان يرجو أن يدخل بيهوذا إلى التوبة لكي يتجنب كارثة السبي البابلي.
2- الحاجة إلى إصلاح القلب الداخلي
صار القلب نجسا بالطبيعة كثمرة للسقوط (17: 9)، منه تنبع الخطية (4: 4؛ 7: 9، 12: 2) فيتقسى ويزداد عنادا (7: 24؛ 9 : 14؛ 23: 17)، فيه يصب الله اشتياقاته (11: 20؛ 17: 10؛ 20: 12)، صارت الحاجة إلى شريعة يمكن أن تنقش علي القلب ذاته (31: 33؛ 24: 7).
3- ترميم بيت الرب ليس غاية في ذاته: لا تتكلوا علي كلام كذب قائلين: هيكل الرب هيكل الرب هيكل الرب هو " 7: 4. تنبأ عن خرابه، إعلانا عن الخراب الذي حل بهيكل القلوب غير المنظورة.
4- عدم الارتكان علي مجرد حيازة سفر الشريعة أو التمتع بوجود تابوت العهد في وسطهم إنما الحاجة أيضا إلى نقش الشريعة في القلب وإعلان حضرة الله فيهم، فإن لم ترتبط بذبيحة الطاعة أو ذبيحة القلب (17: 24 - 27؛ 27: 19 - 22؛ 3: 10، 11، 17) تصير بلا قيمة أشبه برشوة لا يتقبلها الله.
5- يهتم الله بختان القلب (4: 4) والأذن (6: 10) ويطلب اغتسالنا من الآثم لا مجرد اغتسال الجسد (2: 22).
6- بالنسبة للاتكال علي الآباء السابقين ومحبة الله لهم وشفاعتهم لديه (15: 1) وعلي الآباء المجاهدين أيضا (7: 16؛ 11: 14؛ 14: 11)، الله يطلب منا التوبة فصلاة الغير عنا لا تسندنا ما لم نطلب من الله العون.
7 - الله هو سيد التاريخ يعمل لخير البشرية كلها،
يوجه الله التاريخ لخير شعبه وكل الأمم أيضا كالخزاف الذي يخرج من الطين أوان جميلة (18: 1 - 6)، هو الذي يحث نبوخذنصر خادمه (27: 6) مع أنه وثني، لتأديب يهوذا ليعود الله فيؤدب الأمم علي خطاياها (25: 15 - الخ؛ ص 46)، إنه يقيم الأمم ويزيلها بخطة إلهية فائقة (18: 7 - 10).
8 - خطب الله إسرائيل (كنيسة العهد القديم) عروسا، لكن الحاجة إلى عهد جديد، دُعي إسرائيل بكر حصاد الله (2: 3) يتقبله كأنه بكور الكل وميراثه المقدس (12: 7 - 9)، وكرمه (12: 10)، وقطيعه ( 13: 17)، وعروسه (2: 32)، ومحبوبته (11: 15؛ 12: 7)، لهذا يطلب منها أن تسلك كما يليق بكرامتها وحبه لها (2: 2 - الخ؛ 6: 16 -الخ)، إذ دخل معها في عهد خاص (7: 23، 11: 4، 24: 7؛ 31: 33)، (إقرأ بموقع كنيسة الأنبا تكلا نص السفر كاملاً). لا ينسي الله حب صبا شعبه (2: 2؛ 3: 4)، اله رحوم (3: 13 - الخ) يهتم بإسعاده، لا يتوقف عن تكرار الدعوة له لكي يعود إليه، تكررت كلمة " ينسي" أو ما يماثلها 24 مرة، كما تكررت كلمة " مرتد " أو ما يعادلها 13 مرة، و" ارجع " 47 مرة، علاقة الله بشعبه هي أيضا علاقة شخصية تمس حياة كل عضو في الجماعة، هي علاقة الله بكل قلب لذا يهتم أن يكون مقدسا لكي يدخل في هذه العلاقة خلال العهد الإلهي (31: 33 - 34).
9 - الحاجة إلى المسيا الملك البار ليحقق الخلاص.
** سمات السفر:
1 - مال ارميا النبي إلى التوبيخ بشدة مع فتح باب الرجاء لأن السبي كان علي الأبواب
2 - يكشف عن قلب نبي مملوء حبا وحنوا لقد انحرف الشعب إلى عبادة الأوثان (16: 10 - 13، 20؛ 22: 9؛ 32:34،35؛ 44: 2، 3، 8، 17) وقدموا أحيانا أطفالهم ذبائح للآلهة الغربية (7: 30 - 34) ومع هذا بحب شديد كان يصلي من أجلهم (14: 7، 20) حتى حين أمره الله أن يكف عن ذلك (7: 16، 11: 14؛ 14: 11)
3 - كان يطلب أن يري الله ساكنا في وسط شعبه (7 : 23) وفي نفس الوقت يطلبه ساكنا في كل قلب، يكشف عن خطية الشعب ككل (17: 1 )، وأيضا عن نجاسة القلب التي اتسم بها الأشخاص (17: 9)، يطلب توبة جماعية مع توبة قلبية شخصية.
4 - له إرادة لا تقهر من جهة إقامة شعب مقدس لله.
5 - يقدم ارميا مفاهيم لاهوتية روحية حية، خطية الشعب هي كسر الميثاق مع الله والتوبة هي عودة إليها، كل الخطايا موجهة ضد الله نفسه. حب أكيد حتى في لحظات السقوط تحت التأديب. الحاجة هي إلى دخول في عهد جديد (31: 31 - 34).
** الظروف التاريخية:-
عاش النبي في فترة عصيبة فمنذ حوالي قرن سقطت مملكة الشمال "إسرائيل" بأسباطها العشرة تحت السبي بسبب الفساد أما مملكة الجنوب " يهوذا " فعوض أن تتعظ بما حل بأختها " إسرائيل " تناست ما صنعته الخطية بأختها حاسبة أن ذلك هو حكم الهي عادل، لانفصالها عن يهوذا وإقامتها مركزا للعبادة في السامرة عوض هيكل أورشليم.
1 - ارميا في عهد يوشيا
في بدء رسالته (626 ق. م) كانت أشور سيدة العالم لمدة حوالي 300 عاما ولم يكن أحد يتخيل قط أنه يمكن أن تنهار يوما ما في السنة التالية لخدمة ارميا أسس نبوبلاسر الدولة البابلية الجديدة وكانت صغيرة لا قوة لها لا يتوقع أحد أنها في الطريق لاستلام سيادة العالم من أشور.
بعد موت أشوربانيبال حل الضعف بأشور فصارت عاجزة عن منع يوشيا من التحرك نحو الاستقلال والتحرر من النفوذ الآشوري وبسقوط نينوى عام 612 ق.م انتهت مملكة أشور، فبدا كأن ارميا قد أخطأ في تفسيره لمركز يهوذا السياسي إذ حسب الكل أنه زال الخطر عن يهوذا،
في سنة 609 ق. م حشد نخو Necho فرعون مصر جيشه لاحتلال أرض الفرات فاحتل غزة وعسقلان وغيراهما من المدن الفلسطينية وكان هدفه مساعدة الآشوريين للصمود في وجه البابليين في حاران، حاول يوشيا أن يوقفه عند مجدو متكلا علي وعود الأنبياء الكذبة التفاؤلية لكنه قتل.
2 - ارميا في أيام يهوآحاز ويهوياقيم
بقتل يوشيا أقيم ابنه يهوآحاز أو شلوم (أر 22: 11) ملكا وكان شريرا، خلعه فرعون نخو بعد ثلاثة شهور وأسره في ربلة ثم أخذه إلى مصر وأقام أخاه يهوياقيم أو الياقيم عوضا عنه.
في السنوات الأولي من حكم يهوياقيم أعلن ارميا النبي في دار الهيكل أنه إن لم يغير يهوذا طريقه سيخرب الهيكل نفسه (7: 1- 15 ؛ 26: 1 - 6)، أثارت هذه النبوة شغبا ولولا تدخل بعض الأشراف لقتل الشعب الثائر ارميا (26: 7 - 24)، وفي السنة الرابعة من حكمه سجل ارميا النبوات التي نطق بها خلال السنوات السابقة وقام باروخ بنسخها في درج، وإذ منع أرميا من الدخول إلى بيت الله أمر باروخ أن يقرأها أمام الشعب بمناسبة الصوم، وصل الدرج إلى يد الملك فاستمع إلى بعض فقراته ثم مزقه وأحرقه بالنار، قام أرميا بكتابة درجين كالدرج الأول مع إضافات (36: 27 - 32) بتوجيه إلهي ولكن الكاهن فشحور الناظر الأول للهيكل وضعه في مقطرة ثم أطلقه في اليوم التالي (20: 1 - 3)،
في نفس السنة (605 ق. م) تغلب نبوخذنصر علي نخو فرعون مصر في معركة كركميش (إر 46: 1، 2)، فاضطر يهوياقيم أن يحول ولاءه لمصر إلى بابل لكن ظل كثير من الشعب يفضل الخضوع لمصر للجهاد معها ضد بابل، ويبدو أن يهوياقيم بطريقة غامضة توج ابنه يهوياكين (يكنيا) المملوء شرا.
3 - أرميا في أيام يهوياكين
لم يدم ملكه سوي ثلاثة شهور وجاء نبوخذنصر إلى أورشليم وأخذه هو وعائلته ورؤساء الشعب مع خزائن بيت الرب إلى بابل (2 مل 24: 8 - 16) وعاش أسيرا في السبي.
مما يجدر ملاحظته أن السلطات اليهودية تطلعت إلى نبوات ارميا وكلماته أثناء حصار أورشليم بمنظار سياسي حربي لا ديني فرأت فيها تحطيما لمعنويات الجيش ونفسية الشعب فحسبته خائنا وطنيا.
4 - ارميا في أيام صدقيا
أقام نبوخذنصر الملك صدقيا عوضا عن أخيه يهوياكين (2 مل 24: 17)، وكان شريرا لم يبال بكلمات أرميا بل ونجس الهيكل في بداية حكمه، كان بعض رجال يهوذا يتطلعون إلى يهوياكين المسبي كملك شرعي يأملون في رجوعه واستعادته العرش، لذا كان صدقيا في صراع بين رغبته في الظهور بالخضوع لسيده البابلي وبين إظهار روح الوطنية أمام الشعب ومضاداته لبابل المستعمر.
في عام 588 ق.م سار نبوخذنصر مرة أخري إلى يهوذا وحاصر أورشليم، طلب صدقيا المشورة من أرميا النبي (21: 1 -14) فأخبره بأن الخضوع للبابليين هو الطريق الوحيد لإنقاذ حياته ومدينته، لكن الملك لم يقدر أن يقدم هذه المشورة لرجاله بسبب ضعف شخصيته، تحرك الجيش المصري نحو فلسطين ففك البابليون الحصار عن أورشليم مؤقتا لمواجهة المصريين ليعودوا فيحاصروها من جديد بعد تدبير أمورهم مع فرعون.
انتهز أرميا فرصة فك الحصار المؤقت وأراد الذهاب إلى قريته (37:12) فأتهم انه هارب إلى الكلدانيين كخائن (37: 13،14)، ألقي في الجب (37: 1)، وبعد أيام كثيرة أطلقه الملك وسأله سرا عن كلمة الرب بشأنه، أخبره ارميا أنه سُيدفع إلى ملك بابل، فأمر الملك بإيداعه في دار السجن وإحسان معاملته بعض الشيء، لكن الرؤساء ألقوه في الجب ليموت جوعا (38: 1 - 6)، أشفق عليه خصي إثيوبي (عبد ملك) فاستأذن الملك أن يرفعه من وحل الجب ويضعوه في دار السجن فسمح له وبقي هناك حتى استسلمت أورشليم (38: 7 - 28).
5 - ارميا بعد سقوط أورشليم
في سنة 587 ق.م سقطت أورشليم بواسطة نبوخذنصر ودمر الهيكل وقتل كثيرون كما سُبي البعض إلى بابل، فقأ عيني صدقيا واقتاده مسبياً إلى بابل، أما من جهة ارميا فقد علم ملك بابل ما عاناه فظن أنه يفعل ذلك لأجله فأصدر تعليماته بإحسان معاملته، أرسل نبوزرادان الكلداني رئيس الشرطة إلى دار السجن ليستدعيه مع غيره من الأسري إلى الرامة ومنحه حق الخيار بين الذهاب إلى بابل أو البقاء في يهوذا وقدم له زادا وهدية وأطلقه، أتي أرميا إلى جدليا بن أخيقام والي المنطقة في المصفاة وأقام عنده مع الشعب الباقي في يهوذا (39: 11- 14؛ 40: 1 - 6)، رفض ارميا راحته وكرامته مفضلا أن يعيش متألما مع من أحبهم بالرغم من كراهيتهم له.
6 - ارميا في مصر
لما ُقتل جدليا، عبثا حث ارميا النبي الشعب ألا يهربوا إلى مصر إذ ذهبوا وأرغموه هو وصديقه باروخ علي مرافقتهم في رحلتهم (41 : 1 - 43: 7)، وهناك نطق نبواته الأخيرة في تحفنحيس بمصر (43: 8 - 44: 30 )، يوجد تقليد يقول أنه رجم في مصر بسبب توبيخاته لشعبه.
** أقسام السفر:
جاء السفر مرتبا ترتيبا موضوعيا وليس تاريخيا، السفر في غالبيته مجموعة عظات ألقاها النبي في مناسبات متكررة ومتشابهة في أيام ملوك مختلفين، يمكن تقسيم نبواته علي ثلاثة أقسام رئيسية مع مقدمة وختام:
+ دعوة أرميا ورسالته ص1.
+ نبوات ما قبل سقوط أورشليم (مع الوعد بالرجوع من السبي) ص 2 - 33
+ تاريخ سقوط أورشليم ص 34 - 45
+ نبوات عن الأمم الغربية ص 46 - 51
** محتويات السفر:-
أولا: التهديد بسبي يهوذا ص 1 - 33
1. الدعوة للخدمة ص 1
2. عتاب في الأذن ص 2 - 6
3. عتاب في الهيكل ص 7 - 10 (ألعبادة الشكلية).
4. نقض العهد ص11 - 12
5. مثال المنطقة ص 13
6. التأديب بالقحط ص14 - 15
7. منعه من الزواج ص 16
8. خطايا يهوذا ص 17
9. مثل الفخاري ص 18
10. مثل إبريق الفخاري ص 19
11. مقاومة فشحور له ص 20
12. صدقيا يسأله ص 21
13. ارميا يطلب التوبة ص 22
14. مرثاة علي الرعاة ص 23
15. سلتا التين ص 24
16. إرسال السيف للتأديب ص 25
17. هياج الكل ضده ص 26
18. السقوط تحت نير بابل ص 27
19. لقاؤه مع حننيا النبي ص 28
20. بقاء السبي 70 عاما ص29
21. العودة وقيام مملكة داود ص 30 - 33
افتتح ارميا النبي السفر بدعوته للخدمة (ص 1)، بعدها قدم لنا مجموعة عظات فيها يؤكد تأديبات الله ليهوذا خاصة بالسبي إلى بابل ، بسبب عدم توبة الشعب متكلا علي شكليات العبادة (ص 7 - ص 10) وبسبب الخلط بين عبادة الله الحي والوثنية، ويختمها بتأكيد التحرر من السبي بعد 70 عاما، مشيرا إلى الحرية من سبي الخطية بدخولنا في عهد جديد مع الله خلال مملكة داود الجديدة.
ثانيا: تحقق السبي (ص 34 - 45): في هذا القسم يقدم لنا النبي صورة حية لما حدث في السبي
1. عتق العبيد إلى حين ص34
2. موقف الركابيون الأمناء ص35
3. ارميا يملي باروخ ص 36
4. صدقيا يستشير ارميا ص 37
5. إلقاء ارميا في الجب ص 38
6. سقوط أورشليم ص 39
7. بقاء ارميا في أورشليم ص 40
8. قتل جدليا والي أورشليم ص 41
9. ارميا يسألهم عدم الذهاب إلى مصر ص42
10. ذهابهم إلى مصر ص43
11. نبواته في مصر ص44
12. تعزيته لباروخ في مصر ص45
ثالثا: الأمم الغربية (46 - 51):
إن كان الله يؤدب شعبه بالسبي، فهو يعاقب الإدارة التي أذلتهم والأمم الذين شمتوا فيهم. لذلك نطق النبي بنبوات ضد:
1. مصر ص 46
2. فلسطين ص47
3. موآب ص48
4. عمون و أدوم ص49
5. بابل ص50، 51
رابعا: ملحق تاريخي (52)
إصحاح تاريخي مختصر عن سبي أورشليم يعتبر خاتمه لسفر ارميا ومقدمه لمراثيه قيل أن عزرا وضعه كمقدمة لمراثي ارميا.
## يري البعض أن ارميا عاصر السبي في مراحله الأربع:
+ السبي الأول: سنة 606 ق. م في أيام يهوياقيم فيه سبي دانيال وأصدقاؤه الثلاثة (2 أي 36:6،7، دا 1: 1، 2، 6)
+ السبي الثاني: سنة 599 ق.م في أيام يهوياكين ويسمي السبي العظيم (2 مل 24: 8 - 16، 2 أي 36: 9، 10) فيه سبي حزقيال النبي (حز 1: 1، 2) ومردخاي (أس 2: 6)
+ السبي الثالث:: سنة 588 ق.م بسبب تمرد صدقيا الملك علي نبوخذنصر (2 أي 36: 13) اضطر صدقيا إلى الهروب فقبض عليه
+ الدمار الكامل: سنة 584 ق.م علي يد نبوزردان رئيس الشرط (إر 52: 12، 30) حيث أحرق بيت الرب وبيت الملك وهدمت أسوار المدينة وبعد ثلاثة أيام انتهت أعمال التدمير الشامل فصار اليوم العاشر من الشهر الخامس يوم بكاء لسقوط أورشليم (إر 52: 12، زك 7: 3، 5)
## المسيا في سفر أرميا:
أساء ملوك بيت داود القيادة فتشتت الرعية (21: 1 - 23: 3) لذلك وعد الله بمجيء ملك جديد من نسل داود (23: 3 - 6) تطلع إلى العصر المسياني الذي فيه يحقق السيد المسيح التجديد الروحي الحق فيقدم الله عهدا جديدا حيث يملك روحيا علي القلب (23: 5 - 8؛ 30 : 4 - 11؛ 33: 14 - 26؛ 32: 36 - 41) وبهذا ينتهي الطقس اليهودي في حرفيته وينفتح الباب لدعوة الأمم (3: 17).
امتزجت مرارة أرميا بحلاوة خلال رؤيته السيد المسيح المخلص، بروح النبوة رأي العصر المسياني كعلاج حقيقي للخراب الحال 23: 5، 6، ورأي السيد المسيح الذبيح 11: 19، ارتبطت شخصية أرميا بشخصية السيد المسيح (مت 16: 14)،
أهم ملامح هذا الارتباط هي:
+ عاش أرميا يحمل في داخله أثقال شعب الله بمرارة 4: 19؛ 9: 1 وقيل عن السيد المسيح "رجل أوجاع ومختبر الحزن" أش 53: 3
+ أبغضه الشعب مع القيادات بسبب توبيخه لهم وهكذا أبغضوا السيد المسيح يو3: 20
+ تنبأ أرميا النبي عن خراب أورشليم 1: 15، 16 وأعلن السيد المسيح ما سيحل بأورشليم مت 23: 37، 38
+ يقوم الإصلاح الحقيقي بهدم الشر تماما، أي هدم الإنسان القديم والتمتع بالخير، أي قيامة الإنسان الجديد ليكون الإصلاح جذريا 1: 10
+ حمل العار من أجل الرب: " اعرف احتمالي العار لأجلك " إر 15: 15، كما قيل عن السيد المسيح: تعييرات معيريك وقعت علي " ر و15: 3
+ عرض أرميا النبي الكثير من الأسئلة التي لا إجابة لها إلا بمجيء السيد المسيح وإقامة العهد الجديد نذكر علي سبيل المثال ( 5: 7 مع أف 1: 7؛ 8: 22؛ 13: 23 مع غلا 6: 15؛ 12: 5 مع 1كو15: 57)
+ يري السيد المسيح في سفر أرميا إنه: بلسان في جلعاد (8: 22) أي دواء للنفس المنكسرة، وطبيب بنت شعبي (8: 22)، والراعي الصالح (31: 10)، رجاء الكنيسة (14: 8؛ 50: 34)، الفخاري يشكل طبيعتنا (الطين) بيده الإلهية (18: 6)، غصن بر (23: 5)، داود الملك (30: 9) ينبوع المياه الحية (2: 13).
+ أما أهم النبوات المسيانية فهي: ميلاده كابن لداود (23: 5؛ 33: 15؛ أع 13: 22؛ ر و1: 3) ولاهوته: " الرب برنا " 23 : 6 (1كو1:30) وقتل أطفال بيت لحم (31: 15، مت 2: 16، 18)، وتقديم نفسه ذبيحة حب (11:19)، وحمله العار (15: 15)، وعدم جلوسه في مجلس المازحين مبتهجا ( 15: 17).
## مقارنة بين الأنبياء الكبار أشعياء، أرميا، حزقيال، دانيال من حيث:-
1- تاريخ الكتابة
أشعياء: أثناء مجد يهوذا
أرميا: أخر أيام يهوذا
حزقيال: بين المسبيين
دانيال: قصور ملوك الأمم بالسبي
2- موضوع الإعلان
أشعياء: القدوس المخلص، تمجد الابن المخلص
أرميا: مقاومة للخطية والتمتع بعهد جديد، تمجد الأب المهذب
حزقيال: هيكل الله الجديد ، تمجد الروح القدس
دانيال: الله ضابط التاريخ
3- شخصه
أشعياء: من العائلة الملكية
أرميا: كاهن ريفي قبل السبي
حزقيال: كاهن في السبي
دانيال: رجل دولة في السبي
4- ما يشغله
أشعياء: بيت لحم والجلجثة، يدعو للإيمان
أرميا: قلب الإنسان، يدعو للحب
حزقيال: الهيكل عرش الله ، يدعو للرجاء
دانيال: الحجر الذي ملأ الأرض
5- حالة
إشعياء: متعز بالخلاص
أرميا: باك من أجل شعبه
حزقيال: يسخر به شعبه
دانيال: في سلام في جب الأسود
بين أرميا ونحميا:
حمل الاثنان عواطف متأججة بالحب لشعب الله (نح 1 : 4؛ إر 9: 1)، وشعر كلاهما أن خطايا الشعب هي خطاياهما (نح 1: 6، 7؛ إر 14: 7)، كما وقفا كشفيعين في الشعب (نح 5: 14 - 19؛ 13: 31) "أذكر وقوفي أمامك لأتكلم عنهم بالخير لأرد غضبك عنهم" (إر 18: 20) وكانا مخلصان في حُبهما لوطناهما.